2217155391851958. الاكتئاب .. إدمان آخر...
top of page

الاكتئاب .. إدمان آخر...


"بعد انتهاء علاقتي مع خطيبي و وفاة والدتي أصبحت الحياة بلون الموت، عندي اكتئاب شديد، يعني لا أود الحياة بعد الآن.. صديقي الوحيد هو التدخين، مدمنة نيكوتين.. ممكن القهوة.. كافيين أيضاً.. "...

يقال:

عندما تستخدم " الهرويين" لمدة 20 يوم.. ستصبح مدمناً في اليوم 21.. هل هذا صحيح؟!

فكروا قليلاً:

إذا ما تعرضتَ لحادث سير ستبقى في المستشفى لشهر أو أكثر و سيستخدم الأطباء ( diamorphine) و الذي هو الهرويين .. لكنك لن تدمن .. لماذا؟!

حاول البروفيسور الكندي " بروس ألكسندر" تفسير ذلك و فهم الإدمان من ناحية أخرى:

أجرى تجاربه على الفئران..

في البداية وضع فأر في قفص مغلق في غرفة مغلقة ليس فيها أي شيء.. و وضع له إناء مليء بالماء ممزوج بالهروين و آخر فيه ماء فقط...

ما حدث؟!

شرب الفأر من الماء الممزوج بالهروين حتى مات بجرعة زائدة...

قام الأستاذ " ألكسندر بعدها بوضع فأر في حديقة فئران في تجربته التي اشتهر بها لاحقاً (rat park).. و كان في الحديقة كل وسائل التسلية و الرفاهية للفئران .. طعام.. لعب.. نباتات.. و شبكة دعم اجتماعي...

ثم وضع إناء الماء الممزوج بالهرويين و إناء الماء فقط...

ما حدث؟!

النتيجة المذهلة:

شربت الفئران كلها من الماء فقط و لم تمس الماء الممزوج مع الهرويين...

أجل الإدمان على كل شيء في الحياة يبدأ من الألم.. من القفص!

في ذات السياق تبرز معضلة الألم النفسي و محاولات صاحبه تخفيفه بإدمان ما، حتى لو كان إدمان جلد الذات.. إدمان شعور الذنب القاتل، إدمان الجلوس في البيت، فقدان الاهتمام بكل ما كان -يوماً ما- مهم للشخص...

العلاقة التصالحية بين الفرد و نفسه/روحه في حاجة إلى شبكة دعم اجتماعي قوية، بالإضافة إلى مغزى للحياة، بالنسبة للفئران المغزى أمر بسيط، اللعب و الاستمتاع بالحياة(طعام-شراب- جنس-تسالي) هدف و مغزى تحقق في (جنة الفئران)!

بالنسبة للإنسان، فالموضوع أكثر تعقيداً، بل يجب أن يكون أكثر تعقيداً.

يسعى الإنسان - نتحدث عن الإنسان بمعنى الإنسانية و ليس البشريّ بمعنى الشكل و طريقة التكاثر- إلى الوصول إلى (الجنة) الأرضية الخاصة به، قد تكون هذه الجنة : عمل جيد، مال، بنون، بنات، هواية ما...

يعمل العقل البشري على ذلك بخلق أهداف يومية و مستقبليّة للفرد، عندما تتعطل هذه الوظيفة بسبب خلل تربية أو/و بيئة، أو عندما تصطدم بالواقع و تُحبَط بتحديّات حياتيّة:

تسخيف أهداف، تهميش قدرات، تحديد طموح، سرقة أحلام، طعنات الظهر و القلب: يحدث تأطير للعقل البشري و قمقمة للنفس البشرية.. و هنا تظهر مفاهيم أخرى عند الشخص، أو يتخلى عن مفاهيم قديمة حتى يستمر، في الحالتين تظهر الأعراض (النفس-جسدية)...

الاكتئاب بعلاماته و أعراضه مثال حيّ، تأطيره برقم من الأعراض خطأ طبيّ مفروض من قبل عالم الأرقام و شركات التأمين.

بسذاجة البساطة و صدقها قد يكون -الاكتئاب-: إدمان لجأ و/أو نُفِيَ إليه الشخص بعد خروجه/ أو إخراجه من جنة الأحلام و الأهداف...

وحتى عندما يدمن الشباب من محيط الغاز إلى خليج البترول على فكر القاعدة أو بأحسن الاحتمال على فكر طائفة، فالمشكلة بدأت من الألم من القفص المغلق.. من قلة الحال و الحيلة!


Featured Review
Tag Cloud
No tags yet.
bottom of page