2217155391851958. سفاح_المحارم_النفسي
top of page

سفاح_المحارم_النفسي



يحكى والحكايات كثيرة أنّ شجرة صنوبر دائمة الخضرة اكتست بالثلج.. بهتت أوراقها و غابت تحت بريق البياض..

فحدثتها جارتها دالية العنب عن التسلق والقدرة على الإنحناء في البرد القارس!


احكي هذه الحكاية لكل الآباء الذين يشغلون أنفسهم بثلوج أولادهم:

لا بشبهونكم مهما حاولتم.. وبدلاً أن تقضوا على صحة علاقتكم معهم، اعتنوا بدالية عنبكم.. علّها تقوتهم في صيف حار...


وصلتني رسالة فدوى .. التي ظلّ والديها يتدخلان في علاقتها بزوجها ويوجهان شراع سفينتها حتى تطلقتْ..

قالت لي: لولا العيب لقلت لكِ كم أكرههم.. كلهم.. قاربت على الخمسين وهم يعاملونني كتلميذة غبية...


وبغض النظر عن تشعب الحكاية، يبقى غباء الوالديَن عنواناً حقيقياً لقصة صراع الأجيال التي لا تعني في الشرق سوى مزيد من سلب الحريّات.. واقحام الذات في تفاصيل يجب أن تكون خاصة.


التورط النفسي Enmeshment: تعريفاً هوانعدام الحواجز في علاقة ما، بحيث يصبح أحد الأطراف متداخلاً بشكل كبير في حياة الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى.


نرى هذا بشكل كبير في عائلات كثيرة، حيث يتحوّل فرد ما إلى ما أدعوه (ملتصق ) بالعائلة.. و يصبح (متورطاً) في خيارات الأفراد و مستقبلهم.

هذا الفرد - و على الرغم من حسن نيته غالباً- يتحوّل إلى عبء على من حوله، و يمارس في حقهم من دون قصد غالباً، و بجهل دائماً نوعاً خطيراً من الانتهاك العاطفي.


قد يبدو هذا مفاجئاً للبعض، وخاصة في مجتمع شرقي.. في عائلات مترابطة بحكم العادات والتقاليد.. و قد يعتقد البعض أن هذا هو الصواب.. و لكن على العكس تماماً يتسبب هذا التورط العاطفي في تضييع حياة الأشخاص بين عقد الذنب و محاولات الهرب من الانتهاك العاطفي.. و يخلّف الضحية عرضة لاضطرابات الشخصيّة، القلق و الاكتئاب.

لا يقصد الطب النفسي أن يمحي من مسؤوليات الأهل تجاه أطفالهم، و لا من بر الأولاد لآبائهم، بل أن يحولها من علاقات مرضيّة إلى علاقات سليمة.


للتبسيط:

جميعنا نحتاج الحب و الحنان، كما نحتاج الماء.. لكن ماذا يحدث عندما تشرب مئة لتر من لماء في اليوم؟ ستموت.. أجل!


هذا ما سيحدث عندما يتدفق عليك الاهتمام.. النصح.. تخطيط المستقبل والرغبة في التملك و تحديد الأولويات.. حتى من قبل الأب أو الأم…


هذا خطير جداً، لدرجة أن هناك من يسميه “ سفاح المحارم النفسي” أي أن الشخص المتورط متداخل في نفسيات أهل بيته و خياراتهم إلى درجة محرّمة.. مما يتسبب في أذية نفسيّة مستقبليّة لأولاده.. و هذا يتسبب في نفورهم منه في المستقبل..

الاعتداء العاطفي الذي خضع له هذا الطفل ليس أقل وطأة بكثير من الاعتداء الجنسي أو االجسدي…


ببساطة شجرة الصنوبر لن تصبح يوماً دالية عنب!


من “سلسلة العلاج النفسي الأدبي” : “ لمى محمد”


Featured Review
Tag Cloud
No tags yet.
bottom of page