أحلام تُحْكَمُ بالإعدام!

لا تصدقوا أن الطريق إلى الله يحكمه الملك و لا الشيخ.. الله يسكن قلبك:
إن كان أولادنا مظلومين، فتلك مصيبةٌ…
و إن كانوا مغسولي الأدمغة من قبل سماسرة الدين الذين سمحت لهم الحكومات بالتمدد و التسلط تحت جناح القانون، فالمصيبة أعظم…
تنتشر الخطب التي تحضّ على الكراهية باسم الدين على مسمع و مرأي و تشجيع الحكومات العربيّة.. يتمّ نشر ثقافة الموت بين شبابنا بطرق مباشرة في كثير من خطب الجمعة-مثلاً- و بطرق غير مباشرة عن طريق الظلم، الفقر، قتل الأحلام.. وأد الفكر المخالف.. هكذا تتحول مجتمعاتنا إلى مفرخات للفكر المتطرف برعاية مباشرة من القانون و القضاء…
و كيما تمثّل الحكومات على شعوبها بأنها تحارب التطرف الديني، فهي تحارب الأفراد مغسولي العقول، فتقصقص أغصان شجرة التطرف، فيما تُشبِع الجذور ماء خطب لحى و فتاوى عمائم…
في التسعينيات تعرفتُ على فتاة نبيلة اسمها أحلام.. لم تكن أحلام إنسانة عادية، بل مثال للخلق، العلم، المحبة و التواضع.. حضرنا المدرسة الإعدادية معاً، و لطالما كانت أحلامها سبباً في دفعي للأمام.. أجل الأحلام الطموحة تدفع صاحبها و من حوله، لذلك يقولون : “قلّي من تصادق أقلْ لك من أنت…”.
التحوّل الجذريّ طرأ عليها عندما بدأنا المرحلة الثانوية، مات أبوها و بدأ أخوتها بالتحكم فيها و بأمها.. صارت تتحدث و تبكي عن الممنوع و الممنوع، و عن الله الذي أصبح مخيفاً:
-لماذا يخافون الله؟ أنا أحبه و هو يحبنا..
-نخاف الله معناها أن نفعل الخير و لا نغضبه…
-نحبه لذلك نحترمه، هل يغضب الله؟ هل يسحقنا الله؟ هذا الكلام لا يدخل عقلي.. أين أذهب القانون لا يحميني، أنا تابعة لأخوتي لأنهم رجال العائلة.. أين أذهب؟
-إلى الله.. اسأليه أن يساعدك…
-كان أبي يقول أن الطريق إلى الله مليء بالوحوش، و بمن يعتقدون أنفسهم هو…
لم تكن أحلام تفهم معنى حديث والدها معلّم التاريخ الجليل.. و لم أفهمه أنا وقتها أيضا…
استمرت أحلام في التغيّر، تبدلت أحلامها من الدكتواراة.. السلام العالمي.. و عاملة في منظمة أطباء بلا حدود.. إلى الزواج و الخلاص من ظلم الذكور.. و بدأت هي في الابتعاد عنّا تدريجياً و مصادقة ابن جيرانهم…
ابن جيرانهم كان أكبر منّا بعشرة سنوات، قالت الإشاعات أنه ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين، و إشاعات أخرى قالت أنه يجنّد الفتيات في المدارس لنشر الفكر المتطرف…
في ذلك الوقت لم أعرف عن التنظيمات الإسلاميّة إلّا ما عرفته عن الطوائف، كان الدين -ومايزال- عندي معاملة ، و أحسن الناس كانوا -ومازالوا- أنفعهم للعيال.. المهم ابتعدت أحلام عني و عن صديقاتها.. تحجبت ثم تنقبت ثم تركت المدرسة…
لم أسمع منها أي خبر بعد ذلك.. ظلّ سؤالها معلقاً في ذاكرتي، يقرع صنم تمائم الكلام: لماذا يخافون الله؟ أنا أحبه و هو يحبنا..
من ثلاث سنوات سمعت أن أحلام ماتت.. قالت إحدى معارفها، أنها-بعد موت زوجها- انضمت لتنظيم متطرف يشبه القاعدة:
-“ ربما جبهة النصرة لا أعرف”.. ماتت في تفجير .. عندها أربعة أولاد .. لا أحد يعلم أين هم؟
مرّت أحلام في ذاكرتي بعينيها اللطيفتين الواسعتين : . أين أذهب القانون لا يحميني، أنا تابعة لأخوتي لأنهم رجال العائلة.. أين أذهب؟
يعلم الله كم دفعتِ من الأثمان يا أحلام؟ يعلم الله الذي أحببته من قلبك -بشهادتي- كم من الذكور تبعت بسبب الظلم و قوانين السماسرة…
إن كان القانون ضد أحلام لأنها -ناقصة عقل و دين - و إن كانت تلك الطفلة التي عرفتها و أحببت أحلامها الكبيرة مظلومة، فتلك مصيبة..
و إن أجبرها القانون الجائر، حكم الذكورة، الفقر، العوز، الحزن و الظلم على اللحاق بسماسرة الدين، فالمصيبة أعظم…
في تلك الحالتين هي ضحية صمتنا على القوانين البالية التي سمحت للألسنة و اللحى بالتمدد فوق حقوق الإنسان ..
المعلمون و المعلمات أولى بخطب الجوامع ممن لا يفكوّن الحرف..
مراقبة خطب الجمعة التي تحوّل المختلف إلى كافر أجدى من مراقبة الصحفيين و كمّ أفواه و عقول المعارضين...
الدراما التي تغلّف التنظيمات السريّة و محاربة التطرف أولى بأن تتحول لإخراج القانون من جيوب كليات الشريعة و تمددات الساسة…
البؤس الذي يلمّ حلم شبابنا بحياة كريمة يجب أن يقاد و يسيّس لتطوير ثقافة الحياة.. لا لتشجيع ثقافة الموت…
في حياة كل منّا أحلام.. إن كان صمتنا يقتلها، فنحن جناة أيضاً...
المقال كاملاً: أفضل الحلال الطلاق..بالثلاثة...
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=628964