يأكلون الحبق...
قلتُ للمدعوين: في أمريكا يضعون الحبق في السلطة، و على البيتزا.. و يتفنون في وضعه مع البندورة و الجبنة في أعواد خشبية بالتناوب.. أكلة عالمية تختصر شرق الحبق، أوروبا الطماطم و الجبنة الأمريكيّة!
اقترب معتز منّي بحذر، ثم همس:
-يا صانعة القصص.. للحبق نكهة خاصة على المائدة: نكهة تنعش الذاكرة.. تستحضر مساءات سوريّة جميلة، تستحضر أيضاً ذاكرة العراق.. و كيف قسّم العقل النفطي الشعب.. و أدخل جنود الغرب لنشر الديمقراطية…
-ها حتى في الطعام أدخلت السياسة دكتور معتز…
-سمعتكِ تتكلمين مع نيل.. و عندي وجهة نظر.. لو كانت مطالب بعض السوريين محقة في العدالة و في الحرية، لما ثاروا على حرية المعتقد و حرية اللباس التي ميّزت البلاد.. لم أسمع صوتاً قوياً منهم من يطالب بإيقاف المحسوبيات.. بمحاكمة السّرّاق.. بضمان حق الجميع في الوطن.. الأصوات القويّة كانت:
-لإطلاق اللحية.. لنشر غطاء الحريم.. لحكم الخلافة.. لردع إيران و إطلاق يد السعودية.. لدعس النعنع .. و أقصد به أي مختلف و أية أقليّة…
-معنى ذلك أنك لم تسمع كل الحكاية…
-الحمد لله أنك لم تقولي أنّ معنى ذلك أني شيعي.. كما يقول السفلة لكل من يخالفهم.. بالمناسبة أنا سنيّ المولد مع أني لا أعترف بالطوائف و أعتقد أنها عار على العقل..
لا يقبل سوريّ شريف أن يدافع عن هذا العهر..و الصمت حوله يشبه كيفية صمت المسلمين حول العالم عن أفعال داعش.. صمتوا لأنهم يعرفون أن تاريخهم المزوّر أنجب داعش و ليسوا من القوة أوالحكمة في شيء لتغييره.. و كذلك صمتت ( المعارضة) المُهانة عن أفعال ( الثوّار) لأنها تعلم تماماً أن هذا الفكر هو الوحيد الذي سيحارب النظام.
-هل تعتقد النظام في سوريا ملاكاً.. لماذا تشردتَ و أهلك منذ القديم إذاً؟
ضحك معتز: -لا ليس ملاكاً -إلا إنْ قارنته بأنظمة العرب الأخرى- و لا لستُ معه، لكني لست ضده لأسباب (الثوّار).. شاهديهم اليوم يطلبون تدخل الأجنبي.. و ينادون على المنابر وتحت الطاولات بإبادة الأقليات.. عهر لا قبل و لا بعد له.
قلتِ لنا في الولايات المتحدة يأكلون الحبق..في الشرق يا صانعة القصص: يدوسون النعنع و الحبق…
من رواية عليّ السوريّ بقلم لمى محمد