الطب النفسي و الإسلام
كنتُ في نيويورك للمشاركة و التقديم في واحد من أكبر و أهم مؤتمرات الطب النفسي في العالم.
لمحة١:
كما في كل مدن الولايات المتحدة الكبيرة.. يوجد باصات عالية بسقف مكشوف تأخذك في رحلة في المدينة.. و تعرفك على معالمها.. باص البارحة حوى خليطاً جميلاً من كل أنحاء العالم، باص بلونٍ أحمر.. مرشده السياحي رجل أسود لطيف بدأ الرحلة بقوله:
-هنا أمريكا التي بناها المهاجرون من كل بقاع الأرض! ولا يستطيع أحد محوَ هذي الحقيقة.
و في نيويورك للحضارة معنى آخر.. الأبنية بتوقيع الفنان هذا و المبدع ذاك..
المشافي التي تم فيها اكتشاف أول لقاح و أول دواء..
أشهر دور الطباعة.. أشهر محطات التلفاز.. الأوبرا.. المسارح.. وول ستريت.. دور ثقافات متنوعة.. كنائس مشهورة..
كل ما سبق ذكره المرشد السياحي في رحلة الباص الأحمر...
لكنه عندما مرّ بالجوامع الإسلامية- التي فتح لها الأمريكيون مدنهم بكامل شرعية المساواة- حطّ على رأسه الطير و صمتَ..
هذا باختصار ما فعله ( المسلمون) بدينهم...
-لمحة٢:
قدمتُ مشروعيَن في المؤتمر:
في الأول:
طرحت حلاً لمشكلة العنصرية:
بثقة الطبقة المتوسطة العربية .. علمها.. أخلاقها.. و بحرية الرأي التي كفلها القانون في بلاد العم سام...
المشروع الثاني عن الطب النفسي في مجتمعات المسلمين: حاول تسليط الضوء على ما تفعله ( الميديا) من تحويل لجميع المسلمين إلى إرهابيين و تصنيفه كفعل لعين لا ينتمي إلى الحضارة، و لا إلى التعايش...
طرح مفهوم الطب النفسي الاجتماعي كحل للأزمات التي يخلقها التنافر الثقافي.. و ذكر حالات عن مرضى قابلتهم، تمّ تشخيصهم بشكل خاطئ من قبل أطباء سابقين بسبب اختلاف المعتقدات و جهل الطبيب بالبوتقة الثقافية للحضارات المترابطة -interdependent culture-
الهجوم على الإسلام لا يحل مشكلة، بل يخلق مشاكل، و الحكماء لوحدهم يعلمون أن الأديان ملاذُ البسطاء و ملجأ أحلامهم في عتمة السَّاسة و التُّجَار!
-لمحات:
في زحمة الاختراعات، الأدب..الفن.. الاقتصاد.. الفرح.. الأحلام .. ضاعت حضارة السلام عليكم بسبب اللحى و تحت حدّ سيف التكفير و جلباب الكبت...
وغادر سكان بلداننا الباصات الحمر كما غادروا حضارة الفرح!
للفرح حضارة و للحزن ماضي.. و نحن من نستطيع بعقولنا تغيير القوالب الجاهزة و تحطيم الأصنام.
غداً بعلمي و علمكِ.. بصوتي و صوتكَ.. بقليل من الذكاء و كثير من التواضع : أفضل و أجمل.