2217155391851958.
top of page

هناك أفعى في الغرفة!


تم استدعاء فريق الطب النفسي الاستشاري الذي أعمل معه لرؤية مريض دخل المستشفى لإجراء جراحة تبديل مفصل.. المريض يحمل تشخيص الفصام..

قالوا لي : هو في حالة هياج.. تعرفين لديه مرض فصام شديد- يسب الأطباء يحاول ضرب الممرضات.. كسر باب الغرفة.. و طلبنا له الشرطة…

دخلتُ الغرفة لأشاهد مريضاً نحيلاً يتنفس بسرعة.. انتباهه صفر، و عرفت مع بضعة أسئلة أن المريض في حالة طبية تسمى الهذيان Delirium..- و غالباً لا علاقة لها بالفصام-

أعطيته مهدئاً و بعد الفحص و القصة السريرية تبين وجود “ صمة رئوية تحت حادة” تسببت في حالة الهذيان… - للتبسيط باللغة المحكية:جلطة دموية في الرئة، و هو تشخيص طبي خطير يمكن أن يسبب الوفاة-...

قال أحد الأطباء: هناك فيل في الغرفة!

-هذا ما يقوله الأمريكيون عندما يريدون الإشارة إلى لب الموضوع الذي أُهمِلَ-

و قلت في نفسي : هناك ما هو أدق رقبة و أشنع من ذلك.. هناك من وصم المريض النفسي و لم يعطه حقه من الاستقصاءات لكون تشخيص الفصام قد يحمل في بعض أعراضه -إن هو كان شديداً و غير معالج - الهيوجية!.. هناك أفعى في الغرفة!

ذات الأفعى التي سمح لها المتثاقفون العرب بأن تدخل بلدانهم تحت مسميات دينية… ليس الفيل التركي ولا الإيراني، لا الروسي و لا الأمريكي من يقتل الأطفال في دول العرب.. بل هي الأفعى المتأسلمة التي تتناسل فيما تغير لون جلدها.. تنَّعم ملمسها فيما تبثُّ السم الزعاف…

بعد علاج الصمة الرئوية تعافى المريض و كان من ألطف الأشخاص الذين ممكن أن تتخيلهم، مهندس مدني، عبقري و مرض الفصام عنده تحت السيطرة تماماً بمساعدة الأدوية.

قمت برفع تقرير عما حدث مع المريض، لتجنب ضحية أخرى للوصمة تجاه الأمراض النفسية، و تمت مناقشة الموضوع في جلسات تحسين نوعية حياة المرضى…

مازال طريق محاربة الأفعى -الوصمة في الطب النفسي- طويلاً.. و طريق محاربة أفعى التأسلم أطول...


Featured Review