خوف...

اختبرتُ الخوفَ للمرة الأولى عندما كنت في رياض الأطفال، كنتُ صغيرةً و بسيطة، لا يزال النوم يداعب أجفاني عندما اكتشفت المعلمة أني لم أحضر أياً من الكتب أو الدفاتر ، و أنني اكتفيت بحقيبة تحتوي فقط على لوح كبير من الشوكولا كانت صديقة أمي قد أحضرته لنا البارحة . كان إحساساً غريباً ، طرقاتٌ في فستاني الوردي من جهة واحدة ، و نملٌ يمشي في قدميّ يبدأ حفلة صاخبة مستخدما طبولاً عدة . بدأتُ أحرك قدميّ عساني أقتل النمل اللعين ، لكن الماء كان قد وصل مسرعاً من ثيابي الداخلية إلى النمل ، مما زاد في هياجه و ارتفع صوت الطبول ... حدث ذلك كلّه في الدقيقة ذاتها التي صرخت بها الآنسة "سمر " في وجهي : -حمقاء ،هل تأتين هنا للعب أم للفائدة ؟! لا أذكر مطلقاً أنّي بكيت ، كان الشعور جللاً لدرجة أنني لم أقوَ على البكاء.. قالت لي "مريم" جارتي في المقعد أنني خفت كثيرا .. خفت ؟؟ كانت كلمة جديدة، تعرفت عليها سنواتي الخمس ، ضممتُ يديّ إلى الطارق في ثيابي ، وجلست بهدوء الكبار . للخوف صوت عال جداً ، و مخيف . في اليوم التالي حملت كل الكتب و الدفاتر التي أملكها ، أصبحت الحقيبة ثقيلة جداً فاضطررت إلى ترك زجاجة المياه و الطعام اللذين كانت أمي قد وضعتهما في الحقيبة . أمضيت اليوم كله جائعة و عطشانة ،في انتظار قدوم الآنسة سمر و تفتيش حقيبتي ، لكنها لم تحضر . كان درس الخوف الأول الذي لم يبكني ،لكنه تسبب في رعب ، و جوع ، و عطش ، و حقيبة تهدّ الظهر لمدة عام . أعلم الآن أن الخوف بحد ذاته لا يُهلِك ..تُهلكنا تبعاته. من " تعالوا لأخبركم عن العرب" .. " لمى محمد" كانون الثاني/ ٢٠١٠