يسأل كثير من العرب، الأكراد، الأرمن و قوميات أخرى قادمة من بلاد الشرق حول كيفية تربية الأطفال في الدول الغربية..
أسمع كل يوم أسئلة مثل:
-كيف أحافظ على ابنتي في مجتمع المباح و المتاح؟
-كيف أحمي ابني من ثقافة الخروج من حضن العائلة بعد أن يكمل 18 عام؟
-كيف أغذي في أطفالي حب الوَالديَن؟
-كيف أعلّمهم أن كثيراً مما يعتبر هنا عادي، هو غير مناسب في عرف ثقافتنا ؟
الجواب بسيط جداً، لكنه لا يعني القمع، لا الضرب و لا التهميش...
الجواب يكمن في عدة نقاط:
-تعلم أن تكون مستمعاً بارعاً لطفلك، إذا أحسست أن الطفل يخفي عنك شيئاً ما: بادر إلى مشاركته أسرارك.. مثلاً: —هل تعلمين يا “ ألما” كان يومي صعباً جداً، أحد الأشخاص سخر من لهجتي، و لكنني تصرفت بحكمة، إليك ما فعلت…” .
-قُلْ لا بعد تفكير و تحليل- لا تتسرع- و اشرح فيما بعد لماذا كان الرفض، و حافظ عليه- في معنى آخر لا تحوّل ال لا إلى نعم-.. مثلاً: -لا ننام في بيوت أصدقائنا، أعلم أنها ثقافة أمريكية، لكنها لا تتناسب و عقل أمك و أبيك يا صغيرتي.. البشر يختلفون، نحن لسنا قطعاناً من الغزلان، نحن متفردون و مختلفون، و أنت متفردة و مميزة…
-علّم أطفالك أن الحياة خير و شر، يعتقد بعض الناس أن براءة الأطفال تقتضي ألا نؤذي مسامهم بحكايات الفقر، الجوع و الحرمان.. هذا غير صحيح، يجب أن يتعلم الأطفال أن للحياة جانب مظلم، فيقدروا قيمة الجانب المضيء، و يحافظوا على مرونتهم و عقلهم إذا ما قبعوا يوماً في الجانب المظلم.. حتى في أفلام (الكارتون) يوجد دوماً خير و شر…
-ناقش إحساسك بالذنب، إن كنت في الشرق أو في الغرب اسأل نفسك : هل شعوري هو حقاً بالذنب تجاه طفلي أو تجاه نفسي؟ إن كان تجاه نفسك، لا تتردد : اقصد الطبيب النفسي، هذا حق، علم و ثقافة.
- حذار من ثقافة التكريه: إطعامك طفلك للكراهية تجاه بلد، دين، طائفة، شخص، أو حتى فكرة ما: الأطفال المعجونون بالكره لن ينجبوا حُبّاً!
و في المجمل : يظن كثير من الآباء في الغرب أنهم يعملون إلى درجة نسيان الأطفال .. كما تعتقد كثير من الأمهات أنهنّ مقصرات لأنهن تعملنّ لساعات طويلة، و يعوضنّ عن هذا التقصير بشراء كثير من الألعاب لأطفالهن و بمحو كلمة " لا " من القاموس.. فيكبر الأطفال كمدللين، سطحيين و تافهين.. لا يعرفون من العالم إلا " الأنا" الفردية و الغربية .. هؤلاء الأطفال هنّ ضحايا الأهل لا المجتمع...
لو فكرت الأم/ الأب قليلاً لاكتشفوا أنه بالقياس إلى عدد الأطفال في الشرق.. و إلى تسهيلات الحياة في الغرب، فإن الوقت المتاح لطفل أو اثنين في بيت فيه خُدامه-أدوات المطبخ الكهربائية مثالاً- هو ذاته الوقت المتاح لخمسة أطفال في بيت تخدمه فقط ربة المنزل!
و أن الوقت الذي يمنحه أب جميل العقل لطفله يقاس بنوع هذا الوقت لا بطوله، الأطفال بطبعهم يملوّن و القليل المدروس أفضل من الكثير المفروض.
Comments